الدكتور أحمد غنيم.. الطبيب المقاتل الذي قاد المستشفيات الجامعية بطنطا باقتدار في طل فيروس كورونا
الدكتور أحمد غنيم.. الطبيب المقاتل الذي قاد المستشفيات الجامعية بطنطا باقتدار في طل فيروس كورونا
حوار: أحمد الجدي
الدكتور أحمد غنيم أستاذ طب وجراحة العين وعميد كلية طب جامعة طنطا ورئيس مجلس ادارة المستشفيات الجامعية بطنطا، فلنحفظ هذا الاسم جيدا فيملكه طبيب بدرجة مقاتل وإداري بدرجة خبير بخلاف كونه إنسان عظيم.
الدكتور أحمد غنيم الذي نبغ في عمله كطبيب عيون وأصبح من أمهر وأفضل أطباء العيون في مصر والعالم، نبغ أيضا في علم الإدارة، واستطاع بقراراتها الحكيمة ومواقفه الإنسانية العظيمة أن يحقق نجاحات كبرى في إدارته لكلية طب جامعة طنطا وكذلك في إدارة المستشفيات الجامعية في طنطا في ظل جائحة فيروس كورونا.
سخر وقته وحياته للمشاركة في الصفوف الأولى مع الأطباء في طنطا في مواجهة فيروس كورونا، ووفر كل شيء للكادر الطبي كي يضمن حمايته وسلامته بقرارات جعلته وبدون أدنى مجاملة هو الأفضل بدون منازع على مستوى كل محافظات الجمهورية.
الدكتور أحمد غنيم في حوار خاص جدا عن دوره في الفترة الماضية والحالية والقادمة في مساعدة الدولة المصرية والمواطنين على مواجهة فيروس كورونا.. فإلى نص الحوار.
دعنا نبدأ بالبحث العلمي الكبير الذي تنتهجه في التعامل مع المستشفيات الجامعية والتي منها تعقيم المستشفيات بالأشعة الفوق البنفسجية.. كيف نفذتم هذه الفكرة؟
بدأنا هذا الطريقة الجديدة بتعقيم التكييف المركزى بالمستشفى التعليمى العالمى باستخدام الأشعة فوق البنفسجية UV في واقعة هي الأولى على مستوى المستشفيات الجامعية بالجمهورية التى تستخدم التعقيم المركزى حماية للأطقم الطبية والتمريض والعاملين والمرضى وكافة المترددين عليها من خطر الإصابة بفيروس كورونا، وقد جائتنا الفكرة بعد أن رأينا أن التكييف المركزى أصبح وسيلة خطيرة جدا لنقل العدوى وخاصة فى ظروف انتشار مرض كرونا المستجد عن طريق الرزاز ففكرنا في التعقيم بالأشعة فوق البنفسجية وخاصة وحدات التكييف المركزى لغرف العمليات والعناية المركزة بالمستشفى والتي أصبحت تعمل بنظام 100% Fresh Air بعد استخدام معقم الهواء الفوق بنفسجى وتركيبه فى مسارات الهواء المكيف بهدف قتل الجراثيم والفيروسات عن طريق تعطيل حمضها النووى مما يزيل خطر التلوث البيولوجى ويجعلها غير قادرة على أداء وظائف خلوية حيوية.
ما هي الألية التي وضعتموها لاستقبال المرضى المختلفين في المستشفيات الجامعية بطنطا في ظل جائحة كورونا؟
وضعنا استراتيجية قوية لهذا الأمر حرصا على المرضى من انتشار فيروس كورونا بينهم وكذلك الأطباء، أول خطوة للمريض عند دخوله المستشفى هو أنه يتواجد بغرفة تعرف باسم غرفة الفرز فور دخول المريض يقابله دكتور مرتدي كل الاحتياطات للتأكد من عدم إصابة هذا المريض بكورونا ثم يتم عمل اشعة وتحاليل له ثم عرضه على دكتور الصدر وبعد ذلك يكشف عليه من الطبيب المختص لتقديم التدخل الطبي المطلوب وخاصة التدخل الجراحي بعد التأكد من عدم إصابته بالفيروس.
وماذا لو كان مصابا بكورونا؟
في حالة اكتشاف أن المريض الذي جاء لنا ويحتاج تدخل جراحي عاجل مصاب بكورونا نقوم بتحويله فورا لمستشفى المنشاوي التي أصبحت مخصصة لعمل العمليات الجراحية للمصابين بفيروس كورونا ونقدم لهم الكوادر التي يحتاجون لها في التخصصات التي لا يملكوها كالمخ والأعصاب وتتم العملية هناك بعناية كاملة، وللأسف هناك صعوبات نواجهها لاقناع المريض بأنه مصاب بكورونا فعندما نخبره ذلك يقول لنا أنه أجرى مسحة من أسابيع وليس مريض بكورونا ولا يقتنع أنه أصيب بعد ذلك.
حدثنا عن مشاركات المستشفيات الجامعية في طنطا تحت رئاسة سيادتك في مواجهة جائحة كورونا التي ضربت مصر وخاصة في مستشفيات العزل بطنطا؟
اشتركنا في مستشفيات العزل بكل قوة للحفاظ على صحة المواطنين بطنطا، وقمت بوضع قواعد صارمة لإرسال الأطباء لمتابعة المرضى هناك، وقررنا أن نرسل مدرس مساعد حديث مع طبيب مقيم قديم ، كلمني أكثر من 500 دكتور حتى لا يذهبوا لمستشفيات العزل بوساطات كثيرة ورفضت كل هذا ، لا يوجد أي استثناءات عندي نحن في حالة حرب تجاه فيروس لعين ويجب أن نقوم بدورنا ونتصدى له في الخطوط الأمامية فهذا دورنا كأطباء، وكان القرار فيه مساواة بين الجميع وكانت أول دفعة من أبناء الأساتذة حتى لا يقول أحد أن هناك مجاملة لهم، ومنعنا الأجازات، ومن لن يذهب لمستشفيات العزل هم فقط السيدة الحامل والذي زوجها ذهب للعزل باعتباره طبيب فلا يذهب الزوج والزوجة حفاظا ورعاية لباقي أفراد الأسرة، ورفضنا أجازات من لديهم أطفال كبار فكلنا لدينا أطفال كبار ولو أتحنا هذا الأمر لما وجدنا طبيب ولا ممرض بمستشفيات العزل.
إذا هل أجبرتم الأطباء على الذهاب لمستشفيات العزل؟
لا نجبر أحد على الذهاب فأنا طبيب وهؤلاء أبناءي وأصدقاءي وتلاميذي وأكن لهم كل احترام وتقدير ولا يمكن أن أجبرهم بل أطلب منهم بالحب والاحترام والوعد بالحماية، فقد كنت أجلس مع كل من يرفض كي نطمئنهم ونقنعهم بأننا سنوفر لهم كل أدوات الوقاية بداية من البدل الطبية وماسكات n95 وكل ما يحتاجون إليه كي يكونوا مطمأنين بأنهم لن يصابوا بالفيروس أثناء التواجد بمستشفيات العزل، وبالفعل نسبة الإصابة في مستشفيات العزل للأطباء ضعيفة جدا واستفاد الأطباء في هذه المستشفيات خبرة كبيرة في التعامل مع كوارث مثل كورونا، وقد كرمت هؤلاء الأطباء بتعيينهم مشرفين على المستشفيات الجديدة المخصصة للعزل تكريما على دورهم الكبير وهو ما أسعدهم جدا.
كيف واجهتم نقص المستلزمات الطبية وخاصة الماسكات والتي تعاني منها كل مستشفيات مصر؟
صنعنا بأنفسنا ماسكات خاصة وبدل عزل من خلال شراء الرولات الأصلية المستخدمة في صناعة هذه الأشياء، ونقوم بالتصنيع والتعقيم من خلال البلازما وهو أعلى أنواع التعقيم الآمن، قررنا ألا يوقفنا شيء من أجل خدمة بلادنا في هذه الجائحة، فقد كنا نجهز الماسكات بعد التعقيم ويتم التوزيع على الاقسام الطبية المختلفة وكنا نوزع ما يقرب من 10 ألاف ماسك يوميا منهم 2500 ماسك من صناعتنا الخاصة لمواجهة النقص في هذه المستلزمات ففور بدء الأزمة تنبهنا من زيادة الأسعار الرهيب واشترينا المواد الخام الخاصة بصناعة الماسكات قبل الزيارة الرهيبة في الأسعار ولدينا ما يكفي تقريبا لصناعة مليون ماسك.
ننتقل إلى نقطة أخرى في حوارنا.. كم عدد الأطباء المصابين بفيروس كورونا لديكم؟ وكيف تتعاملوا معهم بعد الإصابة؟
لدينا أكثر من 150 طبيب مصاب بالكورونا منهم من 4 ل 5 في المستشفى والباقي يعالج في البيت، ونوفر للأطباء التحاليل والأشعة والتشخيص ومعرفة ماذا يحتاجه الطبيب وننفذه له فورا سيان يحتاج لعزل منزلي، أو عزل في مستشفى أو غرفة عناية مركزة، الأطباء هم ثورتنا الحقيقية لمواجهة الأخطار الصحية التي تواجه المواطنين ويجب أن نحميهم ليستمروا في القتال ضد هذا الفيروس اللعين، ومن ضمن القرارات التي اتخذناها لحماية الطبيب والمريض معا أننا منعنا تقديم أي خدمة طبية لأي مريض لا يرتدي الماسك حرصا على سلامة باقي المرضى وكذلك الأطباء.
دكتور أحمد غنيم.. نجدك دائما وسط الأطباء داخل الأماكن الأكثر خطورة في المستشفيات فلماذا قمت بهذا الأمر مع أنك تستطيع أن تتواجد في مكتبك وتتولى الإشراف فقط؟
أنزل أتابع بنفسي كل المستشفيات الجامعية وكذلك مستشفيات العزل وأتواصل مع الأطباء على جروبات واتس بيننا لتشجيعهم والشد من أزرهم والتأكيد لهم أنهم ليس وحدهم في مواجهة هذه الجائحة، لن أجلس في مكتبي وأصدقائي وإخوتي على خط النار في مواجهة الفيروس وحدهم، أشاركهم بكل ما أوتيت من قوة وأتابعهم عن كثب لأنفذ طلباتهم وأوامرهم أثناء محاربتهم هذا الفيروس اللعين.
هناك عملية هامة وافقت على إتمامها لمريض كورونا كاد يموت وقلبت الرأي العام.. ما قصة هذه العملية؟
نفذنا عملية تركيب دعامات دقيقة جدا لمريض كورونا مع أننا لا نستقبل حالات كورونا ونحولها لمستشفى المنشاوي ولكن الحالة الصحية للمريض جعلتنا ننفذ العملية بأعلى وسائل الحماية والوقاية للأطباء، فقمنا بعزل المريض أولا في غرفة ثم قمنا بتنفيذ العملية بعد أن أخذ الأطباء كلهم إجراءاتهم الوقائية كاملة وبعدها حولناه لمستشفى كفر الزيات ليخضع للمتابعة والعزل حتى شفاءه من الفيروس، تحملنا المخاطر لإنقاذ روح.
أشدت كثيرا بدكاترة مكافحة العدوى لديكم فما سبب هذه الإشادة؟
هم يستحقون ذلك وأكثر، فدكاترة مكافحة العدوى لدينا في منتهى الروعة لدرجة أنهم يمنعون أي شخص من دخول المستشفى ما لم يلتزم بالإجراءات الوقائية حتى لو كنت أنا شخصيا حرصا على صحة الأطباء والمرضى.
بصفتك عميدا لكلية الطب كيف تستعد للموسم الدراسي الجديد في ظل استمرار جائحة كورونا؟
أتبع مصطلح التعليم الهجين بمعنى أن جزء منه أونلاين وجزء منه حضور للحفاظ على الطلاب دون اضطرار لجمعهم في مدرج واحد يزيد من فرص انتقال العدوى بينهم، كما أنه بارتداء الماسكات والحفاظ على المسافات سنكون بأمان وهذا ما أخبر به طلابي الذين يسألوني عن عودة الدراسة وعلى كل فإن كل المحاضرات والامتحانات أصبحت أونلاين الآن كما نجهز لنموذج دراسي رائع لطلاب الطب يحفظ سلامتهم وسيكون مفاجأة للجميع.
في نهاية حوارنا كيف ترى تعامل الدولة المصرية متمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي والدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة مع جائحة كورونا؟
تعاملنا مع الجائحة كان رائع وأكثر ما يسعدني ارتداء الناس الكمامات في الشارع وهذا يعكس السياسة العامة التي اتخذتها الدولة في التعامل مع هذه الجائحة الجديدة على البشرية جمعاء، وأشكر الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزارة الصحة في وضع سياسات لمواجهة الفيروس رغم وجود بعض المشاكل والأزمات في الإمكانات والتي واجهت العالم بأسره وليس مصر وحدها، واستطيع أن أقول بمنتهى الفخر لقد نجحنا نجاح جيد جدا في مواجهة هذا الفيروس، وأشكر أطباء مصر العظماء على دورهم وأقف حدادا على شهداءنا الذين رسموا بأرواحهم الابتسامة على وجه ألاف المرضى الذين كادوا أن يموتوت بسبب الفيروس.