التعليم وفرص العمل!
دكتور محمد بني هاني
واحدة من اهداف التعليم هي خلق الفرص والبدائل الكثيرة للانسان. لذلك المدرسة ثم الجامعة تعطينا فرص كثيرة وخيارات مختلفة من خلال التعلم والتدريب من اجل العمل. في حالة تخرجنا يكون عندنا القدرة على اشغال وظائف ومهن بامكنة كثيرة، وكلما كان تعليمنا ممتاز وراقي كلما توفرت لنا فرص اكثر وزادت خياراتنا.
الى هنا اعتقد ان الموضوع واضح ومفهوم. ولكن اذا كانت الناس تذهب الى المدارس والجامعات وتنجح وتتخرج ولكنها لا تجد عملاً منطقياً فهذا امر يطرح اسئلة وعلامات تعجب كثيرة. اول هذه الطروحات ان هذا التعليم المتراكم سيء ولم يخلق فرص عمل كافية للآخرين، والعدد القليل من الناس التي تعمل اما تعمل بالحكومة والمؤسسات العامة كالجامعات او باعمال بسيطة في القطاع الخاص، ومعظم هذه الاعمال تمتاز ببطالة مقنعة! والقضية الثانية ان البلد يفتقر الى البنية التحتية من المصانع والمؤسسات والخطط التنموية الشاملة التي يمكن ان تقود الى توفير فرص عمل لابناء المجتمع. وبالتاكيد هناك اسباب وقضايا اخرى يمكن ان تفسر هذه الظاهرة.
مثال بسيط من المجتمعات العادية عن ما اتحدث عنه هنا من فرص. تقريبا معظم طلبة الجامعات بالغرب يعملون وكثير من طلبة الثانوية ايضاً. كلهم يعملون في اشغال انتقالية يعتمدون عليها اثناء دراستهم. الشركات في امريكا تدفع (١٢- ٢٠ )دولار بالساعة لطالب الجامعة لمن يعمل جزءً من الوقت وهو يدرس بالاضافة الى المساعدات الدراسية. لذلك يعمل الشباب الصغار ويرفدون الشركات والمؤسسات بالايدي العاملة القوية، ويتدربون ويأخذون خبرة عملية للمستقبل. جميع العالم المتقدم يستخدم هؤلاء الشباب ويستثمر بهم.
ما الذي حصل في بلادنا العربية لكي يبقى هؤلاء الشباب بالملايين دون فرص عمل. هل تعليمهم سيئ لدرجة انهم لا يستطيعون ان يعملوا اي شيء ام اننا لم نخلق لهم فرص عمل لكي يتركوا الشوارع ويبدأون تحمل المسؤولية. كم هو مؤسف ان شخصاً في العشرين او الثلاثين من العمر يطلب من والده اجار الطريق.
لم نوفر فرص عمل كافية للناس لكي تعيش بكرامة. الطلبة يدرسون وينجحون بواجباتهم ويتخرجون من المدارس والجامعات ولكنهم يتوقفون هناك. لقد فاتنا عصر الزراعة ثم عصر الصناعة والان يفوتنا عصر المعرفة والابداع. اذا ما اخذنا بعين الاعتبار ان اغلبية سكان العالم العربي هم من الشباب فنحن اذن امام مأساة حقيقية. اين هي فرص العمل للشباب؟