الكاتبة آية شوقي: “ظلال لا تخص أحدا” مجموعة قصصية هدفها أن تكون صوتا للعاجزين عن التعبير
الكاتبة آية شوقي: "ظلال لا تخص أحدا" مجموعة قصصية هدفها أن تكون صوتا للعاجزين عن التعبير
“ظلال لا تخص أحدا” مجموعة قصصية مميزة في معرض الكتاب للكاتبة أية شوقي
يشهد معرض القاهرة الدولي للكتاب مشاركة مجموعة كبيرة من الكتاب الشباب أصحاب الأقلام القوية والجريئة ومن ضمنهم الكاتبة الشابة آية شوقي محمد بنت 21 عام.
آية شوقي طالبة بكلية الطب وكما برعت في التعليم برعت أيضا بالكتابة واستطاعت أن تجد لنفسها مكانا وسط الكتاب الكبار في معرض القاهرة الدولي للكتاب بمجموعة قصصية تعرف باسم “ظلال لا تخص أحدا”.
عن هذا العمل الأدبي كان لموقع الحدوتة المصري الإماراتي هذا الحوار الهام معها فإلى نصه.
أولا من أنت لمن لا يعرفك من المصريين؟
آية شوقي محمد، ٢١ عامًا، طالبة طب بشري الفرقة الرابعة بالقصر العيني، جامعة القاهرة.
ما هي عدد مؤلفاتك وما تفاصيل كل مؤلف منها؟
واحد، مجموعة قصصية ونصوص.
بما ستشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب الموسم الحالي؟
كتاب أدبي بعنوان “ظلال لا تخصُّ أحدًا”.
قص لنا مختصر عملك الجديد.. وفصوله.. ودار نشره .. وما هي رسالتك من العمل؟
كما ذكرت هو مجموعة قصصية، يتألف من ١٥ قصة قصيرة تقريبًا وبضعة نصوص، متفاوتون في الأغراض، الفكرة والأسلوب، فبعضهم واقعي ومباشر والآخر رمزي ويتطلب إسقاطات ذهنية من القارئ ليفهم مغزاه، تعاقدت على نشره مع دار مسار، والتي ستكون في صالة 1 من جناح A61،وغرضي الأهم أن أشارك أولئك الذين عجزوا عن التعبير وحدتَهم، لعلهم يجدوا في كلماتي بعض السلوان، كما أن لكل قصة فكرة ما، أود أن تومض في أذهان القرَّاء.
كيف ترى الموسم الحالي من معرض القاهرة الدولي للكتاب وما أبرز الكتب التي تنتظرها وترشحها للقراء؟
لم أتطلع كثيرًا على الأعمال المنشورة بعد، لكني أنتظر كتاب زميلي أيمن ربيع “زِحام الكلام”، فهو بحق أكثر من مبدع، ويصدر له عن دار زين،وأنتظر بشغف أن أتطلع على أعمال الكتبة الآخرين.
ماذا تريد أن تضيفيه عنك أو عن كتابك أو سؤال تمنيت الاجابة عنه؟
ربما أود لو أحكي قصتي مع الكتابة، وماذا تعني لي شخصيًّا، لعل فيها ما يمهّد الطريق لمن يود البدء ولا يعلم كيف يمسك بطرف الخيط، وأيضًا أتطلع بشغف لاستقبال آراء ونقد القرَّاء، وأود لو أناقش معهم أفكار كل قصة على حدة.
كنت تريدين ختاما خاصا للحوار.. فبما كنت تريدين أن تختمي حوارنا؟
أريد أن اختم بخاتمة عملي الأدبي وهي كالتالي:
“إنَّ عدد المرات التي قرَّرْت فيها التوقف عن الكتابة، تفوق كثيرًا عدد المرات التي جلست فيها لأُتمَّ هذا العمل..،
إذ أنني لا أكاد أبدأ قصة حتى أتوقف في منتصفها سائلة “ولكن ما الجدوى؟”، وهكذا، وبمجرَّد سؤال، أفقد كل رغبةً لي في الاستمرار، ولا أرى من سابق خُطاي إلَّا العبث، بل قد يحدوني الأمر إلى التخلّص مما كتبته وحذفه للأبد، ولو أنَّني لم أكن بتذبذبي هذا بين رعونة الشغف وعبثيَّة الهدف، لكنت الآن منهمكة في كتابةِ -مثلًا- العمل الخامس.. .
هذا لأنني -وحتى وقتٍ قريب- لم أكن أشعر بجدوى ما أفعل، لماذا أكتب؟ إنَّ الكتابة عمل مرهق، مرهق كثيرًا إلى حدٍّ جعل (نزار قبَّاني) يجاوب هذا السؤال قائلًا:
“لأنَّني لم أجد وسيلة أفضل للانتحار.. .”،
فماذا سيحدث بعد كلِّ هذا النزف؟ ما الذي تغيَّر..؟
تقول (رضوى عاشور):
“أكتب لأني أحب الكتابة، أقصد أنني أحبها بشكل يجعل سؤال “لماذا” يبدو غريبًا وغير مفهوم..،
ومع ذلك فأنا أيضًا أشعر بالخوف من الموت الذي يتربّص، وما أعنيه هنا ليس فقط الموت في نهاية المطاف، ولكن أيضًا الموت بأقنعتِه العديدة في الأركان والزوايا، في البيت والشارع والمدرسة، أعني الوأد واغتيال الإمكانية.
أنا امرأة عربية ومواطن من العالم الثالث وتراثي في الحالتين تراث الموءودة، أعي هذه الحقيقة حتى العظم مني، وأخافها إلى حد الكتابة عن نفسي وعن آخرين أشعر أنني مثلهم أو أنهم مثلي.”.
لقد حفظت إجابتها عن ظهر قلب، لم يعد التساؤل عن الجدوى يشجّ رأسي كلَّما هممت بالكتابة، علَّمتني رضوى أنّ الحب لا يحتاج إلى تبرير، إذا كنت أنا أحبُّ الكتابة فهذا سبب كافٍ لكي أكتب، أما ما الذي سأغيّره، فهذا سؤالٍ يجاوبه ابنها الذي تتنزَّل الفصاحة على لغتِه، (تميم البرغوثيّ):
“إنَّك متى رسمت لوحةً، أو كتبت قصيدةً فقد غيَّرْتَ العالم، لم تغيِّره تمامًا لكنَّك غيَّرته، لقد صار أجمل بمقدارِ لوحة، وصار مُستحِقًّا أن نقاتلَ من أجلِه أكثر، ولو بِمقدار لوحة، وهذا معنى آخر لقولي: “أرضٌ أُعيدَتْ ولو لثانية”.
نعم، للكتابةِ هَيْبَة، لأنَّها تجرُّؤٌ على الموت، واختلاسةٌ لقليلٍ من الخلود، لهذا تذكَّر كلَّما واجهت ظلمًا أو قبحًا أن تدافعَ عن نفسِكَ باختراعِ جمالٍ ما، وخذ صورةً لذلك الجمال، وثِّقه وثبِّته ودافع عنه، فإنَّ كُلَّ حُسْنٍ مقاومة.”.
وهكذا بِتُّ أؤمن أكثر فأكثر بما أفعله، أقول لذاتي: “أنا أكتب كي أقاوم قبحَ العالم”، أحببت هذا كثيرًا، ولكن اكتشفْتُ أنِّي لم أفهمه تمامًا..،
إذ أنَّني كيف أقاوم قبح العالم وأنا أرصده في الوقت ذاتِه؟ إن كتاباتي واقعية بدرجة مُفرطة ولا تخلو من المأساة، فأين الجمال الذي من المُفتَرَض أن أقاومَ بِه؟
يقول الكاتب “حسين البرغوثي”، والذي أعتبره بمثابة أبي الروّحي:
“لِمَ أكتب؟ لأنني أخاف، لأنَّني أخاف على نفسي ومن نفسي، لأنَّني أرغب في النسيان، لأنَّني أتجنَّب، لأنَّني لا أريد أن أرى، لأنَّني أَفرُغ، لأنَّني محدود.”.
أنا محدودة جدًّا، ولا أجد بُدًّا من الإطار الذي أنا مجبورةً على الارتسام فيه، وحدها الكتابة تمنحني معنى الشعور الحقيقي بِالحُريَّة، تُملَّكني القدرة على أن أكون -ولو بمقدارِ كلمة- بلا حدود، ورغم أنّي أرسمُ عالمًا لا يقل بؤسه عن العالم الذي نعيش فيه، إلَّا أن محضَ اختيار نوع المأساة وطريقة التعامل معها، يوفِّر لي القدر المناسب من الكينونة والشعور بالهيمنة، فهنا لا يحقُّ للمرءِ حتَّى اختيارَ مآسيه.. .
لذا فأنا أكتب كي أهرب، كي أنسى، كي أصرخ، كي أعترض، كي أتنفَّس، كي أحيا أو كي أموت حتى..، أنا أكتب كي أكون أنا بِكُلِّ ما فيّ، وهذا في حدِّ ذاته الجمال الذي أقاوم به قبح العالم من أن يتسرَّب إلى داخلي، هكذا كان يجب أن أفهم ما قاله تميم.. .
ولكن إذا كان الكاتب يكتب -فقط- كي يكون ذاته، فإنَّ الكتابة فعل أناني من الدرجة الأولى، ورغم أن هذه حقيقة فعلًا، إلَّا أنها أحد الأوجه فقط..،
إذ أن الكاتب تلهث روحه وراء الكلمات وتوظيفها لأجل الوصف المناسب، هذه القدرة الساحرة على التعبير هي ما تمنحُ المُتنَفَّسَ أو البراحَ لأولئك الذين تنعقد ألسنتهم كي يتكلَّموا، ولأولئك الذين تنكمش أرواحهم كي ينطلقوا، مستمدّين الطاقة من الجمال الذي لمسوه في الكلمات، الجمال الذي أشعرهم بأن هنالك مَنْ يفهمهم ويشبههم.. .
لذا فإن الكتابة تُعدُّ نوعًا من أنواع المواساة، نحن لسنا وحيدين في هذا العالم، ولا عار على الإطلاق في أن نمارس بشريّتنا بكل ما تعنيه كلمة “بشر” من متناقضات، ففي النهاية رغم كمّ ما نحمله في قلوبنا من أسى، إلا أنَّه لايزال هناك مُتَّسعًا للجمال.. .
لقد جعلتني الكتابة مُمتنَّة كثيرًا -حدَّ البكاء- لُكُلِّ الجمالِ في العالم، جعلتني أدينُ للحظاتِ الصمتِ الطويل، الصمت الذي رتَّق الفراغات، وملأ روحي بِتأمُّلِ الجمالِ الكامنِ في التفاصيل، ذاك الذي تعلَّمْتُ أن ألاحظَه حتى في أشدِّ المشاهدِ بؤسًا، ومنذُها لم أخرجْ من أسرِه.
جمالٌ يُشعرُني بأنَّ الكونَ يدورُ بِأعماقي، وأن روحي مُتشظيَّة، تسبحُ بِحُريَّة في أعماقِ الكون”.