المشاركون في ملتقي التصوف العالمي: العالم في حاجة إلي الفكر الصوفي
رساله المغرب. هناء عمرو
تتواصل فعاليات الملتقى الرابع عشر للتصوف، تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، والذى تقيمه الطريقة القادرية البودشيشية، برئاسة شيخها سيدى جمال الدين حمزة، بمنطقة مداغ، جهة وجدة المغربية، بالتعاون مع مؤسسة الملتقى، برئاسة د. منير القادرى البودشيشى، بعنوان “التصوف والتنمية.. دور البعد الروحى والأخلاقى فى صناعة الرجال”، فى الفترة من 6-12 فبراير الجارى، مع حرص العديد من المسئولين والشعبيين على الحضور لمشاركة أهل التصوف ومحبّيهم الذين توافدوا من مختلف بقاع العالم.
حيث عُقدت الجلسة الأولى تحت عنوان “التصوف والتنمية.. مداخل نظرية وتأصيلية” وترأّسها د. محمد المصطفى عزام- جامعة محمد الخامس بالرباط- وتحدثت فيها د. سيمالنور سارجيت- الأستاذة بجامعة سهير باسطانبول- عن مقام الرضا والمحبة وتكاملها فى الإسلام، وكيف تكون الفتوّة أو أخلاق الفروسية عند الصبر على القضاء والقدر، مستشهدة بقوله تعالى: “وبشِّر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون”، كل هذا عن طريق محاسبة النفس والرضا وعدم كراهية أحد حتى لو كان مذنبا أو جانيا، لأن هناك حكمة إلهية من وقوع الأحداث مهما كانت جسامتها أو صعوبتها، وضربت أمثلة بمحن عايشتها فى عائلتها ومحيطها الاجتماعى، ومنها وفاة أحد عشر شخصا فى سقوط عقار سكنى ومع ذلك لم تكره مالكه أو مُنشأه.
وحذر د. جمال أبو الهنود- مستشار وزير الأوقاف الفلسطينى، عضو المجلس الصوفى الأعلى- من الصراعات التى تتقاذف العالم العربى والإسلامى المعاصر تريد النيل من الدين والأوطان والخيرات تحت شعارات ظاهرها الرحمة ومن قِبَلِه أشد العذاب والخراب والدمار لمجتمعاتنا حتى يصل أعداؤنا لمبتغاهم، فلا تصبح هناك تنمية إلا فى بلادهم ونظل نحن عالة على صناعتهم وتقدمهم، وأداة يُسخِّرونها كما يريدون، واستدعى كلمة العلماء من أن كلمتنا لن تكون من رؤوسنا إلا إذا كانت “لُقمتنا” من فأسنا، وهذا يفرض علينا الاعتماد على النفس والتحصّن بخُلُق التصوف وما يقدمه من علوم، لأنه إذا خلت الساحة من التصوف امتلأت بالتطرف.
ودعا “د. أبو الهنود”- من خلال كلمته التى حملت عنوان “التصوف.. أصوله وثوابته فى تنمية وعى الأمة”، إلى الفهم الصحيح لمعنى التنمية ودور التصوف حتى ننمى الوعى الدينى، مستعرضا لنماذج من الصوفية العاملين العالمين الذين تربوا على حب الوطن وحمايته وتحصين المريدين ضد الفتن ،فأمَّن الله تعالى ببركتهم البلاد والعباد، وانتشر السلام والمحبة التى هى أساس دعوتهم الى الله، فأخذوا بيد الإنسانية إلى بر الأمان والاستقرار، من خلال التعاون على البر والتقوى وليس الإثم والعدوان، فكان لهم دورهم ومكانتهم فى أفريقيا بـ”المسبحة” والذكر والوِرْد، أمثال: أحمد البدوى، أبو الحسن الشاذلى، العباس، البودشيشى، أبو مدين، والتجاني، والدرقاوى، والقادرى، وغيرهم كثير من أصحاب العطاء الفيّاض، ولم يكونوا كالسلفية الذين خربوا الأوطان.
وتحدث د. عبدالحفيظ دومر- الأستاذ الباحث بجامعة محمد الأول، وجدة- عن “التأصيل الشرعى للمصطلحات والمسائل الصوفية، من خلال ديوانى الشيخ محمد بلحبيب الأمغارى، والشيخ أحمد مصطفى العلوى، التربية الروحية والتزكية النفسية”، مستغربا إنكار وجود روّاد للإحسان والإيمان كما أن للفقه روّاده وشيوخه، فإذا كنا نُسلِّم بأمثال الأئمة: مالك، الشافعى، ابن حنبل، والحنفى وغيرهم، كروّاد فى الفقه، فلماذا ينككر البعض وجود روّاد للإحسان والإيمان كأمثال مشايخ الصوفية المتعددين، خاصة وأن المراجع وأمهات الكتب جاءت على يد أهل التصوف، الذين هم أهل التجرد؟!
وعرض د. حسام سباط- عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية، بلبنان- خلال ورقته لـ”تعاليم إسلامية لتنمية مستدامة”، كما أكد الشيخ محمد عجان الحديد- كلية دار السلام للبحوث الإسلامية، خادم الطريقة الرفاعية بتركيا- أن التصوف ضرورة لا اختيار.
واختتمت الجلسة بقصائد ومدائح نبوية لكل من “الشيخ أبو شجَّة” من موريتانيا، والمنشد التونسى جلمام.