خميس الجارحي يكتب: السيستم ساقط من زمان
تعرضت مصر في الاربعين سنة الأخيرة إلى كثير من الأزمات، وانهار فيها كثير من المؤسسات والقطاعات، وكان التعليم من أكثر القطاعات التي تعرضت للفساد والانهيار في جميع مكوناته.
انهار في بنيته التحتية، فلم تكن الزيادة السكانية يواكبها نفس الزيادة في بناء المدارس، فازدادت الكثافات في الفصول، وظهرت المدارس ذات الفترات الثلاث، بل في كثير من المدارس لم يجد التلاميذ مقعدا يجلسون عليه، وبات مألوفا أن تدخل بعض المدارس فتجد التلاميذ يفترشون الأرض.
أما عن المعلم القدوة فقد افتقدناه عندما اكتفينا في تعينه بالحصول على البكالوريوس أو الليسانس، دون المرور على اختبارات نفسية وسلوكية تحتاجها مهنة سيد الخلق القائل(بعثت معلما)، أما من الناحية المهنية، فقد افتقد المعلم التدريب المستمر الذي يرفع كفاءته، وإن وجد فضعيف لا ثمرة مرجوة منه، ولو له ثمرة فالواقع يحول دون تطبيقها والاستفادة منها، ولذلك رأينا أخلاقا انحدرت، وكفاءة انعدمت، فلم يعد معظم المدرسين يستطيعون مجرد السيطرة على الطلاب داخل الفصل ليقوم بشرح الدرس، أضف إلي ذلك ضعف مرتبات المعلمين، التي لا تكفي مصروفاتهم الشخصية، فضلا عن اسرهم، فراح يبحث عن عمل آخر، أو يضم التلاميذ للدروس الخصوصية طوعا وفي بعض الأحيان عند معدومي الضمير جبرا.
أما الطلاب فحدث ولا حرج من سوء تربية وانعدام أخلاق عند الكثير منهم، فقد غابت القدوة في البيت، وفي خارجه، ولم يبرز الإعلام القدوات الصالحة من علماء ومفكرين ومصلحين، وراح يبرز البلطجي كبطل، فاقتدى الشباب بمحمد رمضان في الأسطورة، وبأوكا وأورتيجا وحمو بيكا في المهرجانات، فاصبحت أمام بلطجي يأتي للمدرسة لا ليتعلم، بل ليعطل العملية التعليمية، ولا ادري لماذا تحرص الدولة على منح المجانية لامثال هؤلاء!!! ويتعرض المعلم لمواقف تصيبه بجلطات، عندما يتعرض للشتم او الضرب ممن في عمر ابنه، دون حماية من وزارته والمسؤولين عنه.
أما في الامتحانات فسوف يقوم هؤلاء البلطجية بالغش طوعا او كرها، وإجراءات تحرير محضر غش اصعب من تحرير مقدساتنا في فلسطين!!.
أمام كل ذلك الانهيار صرنا في قاع المنظومة التعليمية العالمية، وبات البدء في التطوير ملحا، غير ان التطوير يحتاج إلي تغيير في الأنماط التي اعتمدت على الحفظ والتلقين، وأفرزت مدرسين وطلابا يتراقصون على انغام الموسيقى في مراكز الدروس الخصوصية، وباتت مهارة المعلم تقاس بمدى استخدامه لهذا النمط القبيح في التلقين، ومن ثم طالبا ينسى ما تعلم بمجرد خروجه من المتحان، فلما ارادت الدولة التطوير، كانت الحرب الشعواء من اصحاب السبوبه، وبالرغم من التأكيد من قبل الوزارة على ان الصف الاول الثانوي سنة تجريبيةغير محتسبة من المجموع التراكمي نظرا لما تواجه اي تجربة جديدة من معوقات،تظهر أثناء التجريب،ومحاولات مواجهتها قد تنجح حينا وتفشل حينا آخر إلى أن يستقر النظام،على الرغم من ذلك وجدت الاصوات عالية خوفا على مستقبل الطلاب!!! وكأن الطلاب كان لهم مستقبل في النظام القديم!!!
واخيرا أقول: علينا ان نساعد الوزارة في التغلب على المعوقات،وتقديم الحلول لها،لا ان نجلدها امام كل عائق،وعلى الوزارة ان تبحث عن كوادر أخرى تقوم على حل هذه العوائق.
مازلت آمل خيرا في النظام الجديد، ولو سقط السيستم أثناء الاختبار في المنظومة الجديدة، فلا تنس ان المنظومة القديمة ليس لها سيستم من الأساس.