أوبرا «عنتر وعبلة» تختتم الموسم الفني في دار الأوبرا السلطانية
أوبرا «عنتر وعبلة» تختتم الموسم الفني في دار الأوبرا السلطانية
حبس الجمهور العماني أنفاسه، وهو يتابع العمل الأوبرالي اللبناني «عنتر وعبلة» في دار الأوبرا السلطانية، في مسقط، بعرضين متتاليين، في «3 و4 من الشهر الحالي»، الموسم الفني في هذا الصرح للعام الحالي.
وبتصفيق حار استمر لدقائق رافق لحظات إسدال الستارة من قبل حضور رسمي، تقدمه وزير الثقافة في لبنان دكتور محمد داود، وزميلته المصرية إيناس عبد الدايم، وتلوّن بمقيمين في عمان من أجانب وعرب، انتهت هذه المشهدية الفنية، التي وصفها الإيطالي أمبرتو فاني (مدير الأوبرا السلطانية) بالعمل المميز في لبنان والعالم العربي. ويشير وزير الثقافة في لبنان دكتور محمد داود إلى أهمية هذا العمل على الصعيد الفني عامة، والأوبرالي خاصة. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن وزارة الثقافة تدعم هذا النوع من الأعمال، الذي يبرز قدرات مواهب لبنانية باهرة. ووجودنا في دار الأوبرا السلطانية اليوم هو دليل على مساندتنا لهذا العمل، ولشركة (أوبرا لبنان)، خصوصاً أنه يضيء لبنان بالفن والجمال». ولفت إلى أنّ فرقة «أوبرا لبنان» ستقدم عرض «عنترة وعبلة» قريباً في القاهرة برعاية وزارة الثقافة اللبنانية. كما بحث داود مع وزير التراث والثقافة في السلطنة هيثم بن طارق آل سعيد، إمكانية التعاون الثقافي المشترك بين البلدين وتحفيزه على مختلف الصعد، إضافة إلى تنظيم أسبوع ثقافي عمّاني في لبنان، يقابله أسبوع ثقافي لبناني في سلطنة عمان.
وفي هذه النسخة المجددة لتلائم في مضمونها ومشهديتها الأفضل في هذه الأعمال في العالم، والتي كتبها أنطوان معلوف، وأخرجها وليد عوني، وقاد الأوركسترا الموسيقية فيها من دار الأوبرا المصرية ناير ناجي، جسدت السوبرانو لارا جو خدار دور عبلة، فيما قدّم الفنان وديع أبي رعد شخصية عنترة بن شداد. وكانت مفاجأة العمل مشاركة نحو 50 طفلاً من السلطنة فيه. فشكلوا لوحة مؤثّرة، وهم يتنقلون على الخشبة حاملين مجسمات وأشكالاً فنية ترمز إلى البلد المضيف. ومن الفنانين المشاركين في هذا العمل بيار سميا، ومكسيم الشامي، ومنى حلاب، وغيرهم.
ويعدّ هذا العمل الثالث الذي تختاره دار الأوبرا السلطانية من لبنان على مدى السنوات الثلاث لتستضيفه في صرحها بعد «إبحار في الزمن» لفرقة كركلا، و«أرض الغجر» لغدي ومروان الرحباني.
«إنني معجب بشركة (أوبرا لبنان) المنتجة للعمل، ليس بسبب توفيرها جميع العناصر المطلوبة في العمل الأوبرالي الذي لديّ خلفية غنية عنه، لكوني إيطالياً أعمل في هذا المجال، بل لأنها تبذل جهداً للإضاءة على القدرات الفنية في لبنان». يقول أمبرتو فاني (مدير الأوبرا السلطانية) في حديث لـ«الشرق الأوسط». ويتابع: «لقد وقعت في حبّ هذا العمل منذ اللحظات الأولى لمشاهدتي له. فالفريق بأكمله يعمل بشغف، وبالتالي بتواضع الكبار بحيث لا يدعي أنه الأفضل في العالم. وأتوقع له مستقبلاً زاهرا، كونه يستحدث فناً جديداً يرتبط بالهوية العربية في شكل عام». وأشاد فاني بأداء الفنانين المشاركين في أوبرا «عنتر وعبلة» لا سيما أنهم لا يستخدمون عنصر التضخيم فيه، كما هو متبع عادة لدى المغنين العرب. كما نوّه أيضاً بأداء جوقة الكورس والأوركسترا المرافقة متوقعاً لها تطوراً لافتاً مع الوقت. وعما إذا هذا العمل يندرج على لائحة المستوى الأوبرالي العالمي يردّ في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إنه عالمي من دون شك وعليه أن يتطور يوما بعد يوم، خصوصا أنه من الفنون الجديدة التي طرأت على المنطقة العربية وأنا سعيد للجهد الملحوظ الذي يبذله فريقه في هذا الشأن».
وأشادت وسائل الإعلام العمانية بالنجاح الذي حققه هذا العمل منوهة بإدارته ومضمونه ولوحاته الغنائية الراقصة وديكوراته وفريقه الذي يفوق عدده 100 شخص. وكان بطل العمل وديع أبي رعد قد تعرّض لوعكة صحية أثرت على حباله الصوتية فأدخل المستشفى لتجاوزها، وهو المعروف بقدراته العالية في الغناء وحائز على دبلوم في الغناء الأوبرالي في إيطاليا. وعمد القيمون على هذا العمل إلى استخدام شاشات صغيرة مثبتة على المقاعد تنقل كلماتها مكتوبة بالعربية والترجمة الحرفية لنصها بالإنجليزية. وهو ما سهّل عملية تلقف محتواها من قبل الحضور على مختلف جنسياته، فتماهى مع أحداثها قلباً وقالباً.
وتلونت خشبة المسرح على مدى 90 دقيقة بمشهدية مغايرة تماماً عن تلك التي افتتح بها هذا العمل حفلاته في لبنان منذ نحو 3 سنوات. فتميز بديكورات ضخمة تبرز أجواء الحقبة التي تدور فيها قصة «عنتر وعبلة».
«إذا لم تستطع الأوبرا ملامسة جميع شرائح المجتمع فإن صفة العمل الفني تغيب عنها». يقول المايسترو مارون الراعي واضع ألحان أوبرا «عنتر وعبلة». ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد مزجنا ما بين الكوريغرافيا والسينوغرافيا بحيث شاركت الجوقة الغنائية بلوحات الرقص وأضفنا على الموسيقى آلات وترية». وعن إمكانية وصول هذا العمل إلى دول غربية يوضح: «إننا وقعنا اتفاقا مع (أوبرا روما) منذ بداية مشوارنا وبرعاية وزارة الثقافة هناك. وهو دليل قاطع على مدى اهتمامها بعملنا الذي يروج لنشر الفن الأوبرالي وخاصة في الدول العربية. وبذلك فإن جميع مسارح إيطاليا متاحة أمامنا لعرض هذا العمل». ويضيف: «كما أننا تلقينا دعوة من (أوبرا أميركا) للمشاركة في مؤتمر تعقده في يونيو (حزيران) المقبل. فهذا البلد يحتوي على نحو 200 دار أوبرا وهم مهتمون جداً بما نقدمه لا سيما أنه يعد من الفنون الجديدة الطارئة على أعمال الأوبرا ويساهم في تجديدها وكسر رتابتها. فصحيح أن هناك أعمالاً عصرية جديدة، إلا أنها لا تواكب فترة الـ(Belcanto) التقليدية الشهيرة التي نتبعها في (أوبرا لبنان).