دراما رمضان 2019: موسم خالٍ من “الدَسَم” السياسي
دراما رمضان 2019: موسم خالٍ من "الدَسَم" السياسي
بعد مواسم درامية رمضانية سابقة انشغلت بالقضايا العامة، يأتي الموسم الجديد خالياً من أي ملمح سياسي. تبدو الأعمال محدودة في خياراتها السياسيّة، إلا بما يعكس أمزجة الأنظمة الحاكمة. ولا شكّ في أنّ تقلّص عدد المسلسلات في مصر من 40 عملاً في بعض السنوات الماضية إلى نحو 25 عملاً، يرتبط الى حدّ ما بتدخّل الرقابة في الأعمال المقرّر عرضها هذا العام. وهذا سببٌ يُضاف الى الأزمة الإنتاجية من جهة، والعجز عن اللحاق بالماراثون الرمضاني، من جهة ثانية.
في مصر
يبدو أنّ المسلسلات المصرية هذا العام ستكون أكثر انضباطاً تحت السقف “السياسي”، خصوصاً بعد فترةٍ تعرّض فيها فنانون ومؤلفون وناشرون لملاحقات ومضايقات كثيرة. ويأتي هذا “الانضباط” من خلال الابتعاد من القضايا الحساسة، والتركيز على الكوميديا تارةً (“سوبر ميرو”، “فكرة بمليون جنيه”، “البرنسيسة بيسة”) والأكشن طوراً (“كلبش”، “زلزال”، “لمس الأكتاف”، “هوجان”).
ما شاهدناه حتى الآن من الإعلانات الترويجية يشي بأنّ محتواها فارغ تماماً من “النفَس” السياسي الذي ميّز أعمالاً سابقة، أُنتجت عقب ثورة يناير، مثل “ذات” و”المواطن إكس” و”الجماعة” و”الداعية” و”على كف عفريت” و”طرف ثالث” وغيرها.
في سوريا
تتجاوز الأعمال الجديدة في سوريا عدد الإنتاجات التي تمّ تقديمها في السنوات الماضية. يتجاوز عدد المسلسلات السورية، إنتاجاً وتمثيلاً وتنفيذاً، الـ30 عملاً، أُنجزت من دون شكّ بما يتوافق مع رؤية النظام، كي يُسمح لها بأن تُنَفّذ وتُعرض، لا سيما أن بعضها يقوم على فكرة النقد الاجتماعي مثل “بقعة ضوء” و”مرايا” الذي يعيد ياسر العظمة بعد غياب.
لكنّ النجم السوري الشاب وجد ملاذه في الأعمال المشتركة، وما زال منذ سنوات يفرض “هيبته” على تلك المسلسلات، التي انتهجت مبدأ الممثل السوري والجميلة اللبنانية. هكذا، يُكمل النجم السوري تيم حسن دوره في “الهيبة” بجزء ثالث مع الممثلة اللبنانية سيرين عبد النور، وقصي خولي في “خمسة ونص” مع الممثلة نادين نجيم، وباسل خياط مع شريكته منذ العام الماضي دانييلا رحمة في “الكاتب”.
في لبنان
وإذا انتقلنا الى الدراما اللبنانية، نجد أنّ حالها ليس أقلّ تعقيداً من حال الدراما في سوريا أو مصر. فالانقسام السياسي في لبنان يحول دون تقديم دراما تعكس واقعنا الداخلي كما هو. تكفينا تلك الإعلانات الترويجية كي نكتشف كم أنّ الدراما في لبنان ما زالت عاجزة عن رصد مجتمعنا بصدق. الحكايات دائماً لا تُشبه حكاياتنا، والأحداث المفتعلة لا تقترب من يومياتنا. هذا ما اعتدناه، وهذا ما نتوقعه، وإن كانت الأحكام قبل المتابعة غير مستحبّة.
في الخليج
تتميّز إنتاجات الخليج لهذا الموسم بغزارتها. ويبدو أنّ مسلسلاتها لم تبتعد من القضايا الاجتماعية التي تُكرّرها، سنةً تلو أخرى، كالزواج والطلاق والتعدّد والانتقام… مع فارق أنّها تقدّمها هذا العام بجرعة كوميدية أكبر. وهذا ما يتجلّى في أعمال مثل “أنا عندي نصّ” للممثلة الكويتية المعروفة سعاد عبدالله، و”سوّاها البخت” من بطولة الممثلة هيا الشعبي، و”موضي قطعة دهب” للفنان الكوميدي داود حسين.
وإذا أضفنا الى أسماء هؤلاء النجوم، اسم الفنانة الكويتية القديرة حياة الفهد التي تلعب بطولة “حدود الشرّ” والفنانة البحرينية سعاد علي في مسلسل “عذراء”، يمكن القول إنّ الموسم الحالي يجمع معظم الأسماء الكبيرة.
وهذا ما يتناقض تماماً مع أجواء الدراما المصرية التي يُسيطر عليها النجوم الشباب، في مقابل غياب أسماء كبيرة وشبه ثابتة في المواسم السابقة، مثل عادل إمام، يحيى الفخراني، يسرا، ليلى علوي، إلهام شاهين… علماً أنّ الحضور الأنثوي طاغ في مصر، ويأتي متمثلاً بنجمات شابات، نذكر منهنّ: مي عزّ الدين وياسمين عبد العزيز ودينا الشربيني وياسمين صبري وأمينة خيري وإيمي سمير غانم.
وإذا كنا نكتفي هنا باستشراف الموسم الدرامي الذي ينتظره المشاهدون من عامٍ إلى آخر، فإنّنا على موعد آخر مع رصده وتحليله. الحكم بعد المتابعة.